Friday, March 24, 2006

الوجع ليس شخصيا انه وجع امة

الوجع ليس شخصيا انه وجع امة

بعد غياب دام احدي عشر عاما من اخر زيارة قصيرة في منتصف التسعينات قررت زوجتي ان تسافر الي الخرطوم لزيارة الاهل في نهاية فبراير الماضي ... لقد سمعت كثيرا عن الاوضاع التي تحسنت والحضارة والرقي التي اتت بها الانقاذ وما بعد نيفاشا. وما بعد المؤتمر الافريقي في مطلع نفس الشهر و الرقي الذي جاوز توقيعات اكثر الرؤساء الافارقة تفاؤلا ...لم اكن مرتاحا في قرارة نفسي لسفرها ولكن رايت انه ظلم الا تسافر وتستمتع بزيارة الاهل والانبهار الانقاذي وقد كان ...وحيث انني كنت سمعت ان امر دخول السودان والمطار ذو القاعات الرئاسية وامن السيد قوش الذي يتمتع برعاية كريمة من ساكني البيت الابيض وعشرة داوننغ ستريت صار سهلا وان اجهزة الامن والرقابة هي من احدث مافي العالم وحيث ان زوجتي لا لها من شئ في مشاغباتي للمنفلتيين من السودانيين و اهل الانظمة التي تاتي ليلا وتخدع العالم بما ليس فيها ولا يستحي شيوخها وقادتها عن الكذب والفساد والقتل علنا وعلي شاشات التلفاز العالمية فلم اظن انها ستعاني ما عانته وفيها من امراض الغربة الهالكة من سكري وضغط ما يكفيها .... صدفة ووفق تقدير لزمن وصول الطائرة اتصلت بهاتفها و كانت الصدمة وهي تلهث بعد ان قضت اكثر من ساعة في المطار يمارس عليها جهلة اجهزة الامن القوشية الوانا من التعذيب فمرة " اقفي هناك " ومرة " امشي مكتب الامن " ومرة " اسكتي وهي بضبعها قليلة الكلام " ... والامر في مجمله انها عند وصولها الي مكتب او مقعد اوطاولة مسؤول الجوازات اصابه هوس وتطاير الشرر من عينيه ودعي كل المسؤليين الي مشاهدة جواز سفرها والاشارة اليها " واحد منهم ( وهي واحدة ) " ... ارتفع الضغط والسكري وتصبب العرق وكانت علي شفي الانهيار .. لا تعرف ماذا تفعل وما هو الموضوع .. وعندما تسال لا تجاب ... اخذوها الي مكتب هالك في اقصي المطار علي انه مكتب الامن وجدته قذرا وكراسيه متهالكة .. ردوها مرة ثانية الي مكانها .. قالت للمسئول انها لم تزور البلاد منذ 1995 واهلها متنظرون بالخارج لا يعرفون ما حدث لها .. اشار اليها بان تاخذ امتعتها وتذهب وتشاور اليهم ثم تعو د اليه... في الطريق وجدت احد الاقرباء صدفة جالسا وله اعمال تستوجب وجوده في المطار كاستشاري هندسي ... ذهب الي المسئول الهمام .. ساله عن الامر ... كانت الاجابة انه يريد صورة من جواز زوجتي وان هناك في مطار القاعات الرئاسية لا توجد اجهزة تصوير ضوئي ... لصديقي وقريبي مكتب هناك وفيه الة تصوير قام بنسخ الجواز واعطاه للمسئول الذي ترك زوجتي تذهب علي ان تبلغ رئاسة الامن في الغد ( كا ن الغد علي ابواب ساعتيين )...

كما ذكرت سالفا اصابني من كثرة تكرار ان الامور مستتبة بعض الاطمئنان فتركت زوجتي تسافر الي بلدها ولذا لم اتصل باخوتي ولا اصدقائي لمقابلتها .. فالامر لايحتاج .. فلقد قيل ان ذهبت قوائم المحظوريين الذين يتعقبهم صلاح قوش وجماعته وان زوجتي ليس لها في مناقرة النظام هوي وانا كل جوازات سفرها منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي تصدر هنا حيث نعيش ....

في لحظة اردتها ان تعود بنفس الطائرة ولكن اخي الذي رفضت ان ازعجه بمقابلة زوجتي ليلا حيث ان اخاها سيقوم بالواجب اكد لي ان ما حصل هو جهل عادي يعاني منه الكثيريين وان زوجتي اكيد ليست مطلوبة لامر امني جلل ....

في الغد وعند رئاسة الامن عرف الجميع ان ثلاث ارقام في وسط رقم جواز سفر زوجتي السداسي بالاضافة الي حرف في اوله تشبه ثلاث ارقام في جواز سفر ما .. فبيع الجوازات والجنسيات امر شائع ...ومسؤل الجوازات لم تصل اليه تقتية السيد قيتز رقم وجود جامعات للتقنية ومقاه للانترنت وهو يعرف ان هنالك ثلاث ارقام وفقط واينما وجدها فالويل والثيبور وعظائم الامور لسئ الحظ حامل الجواز .. الثلاث ارقام التي هي ضمن رقم جواز سفر زوجتي ليست بالترتيب الذي في الجواز المفقود والحرف الموجود في رقم جواز زوجتي ليس هو الحرف الموجود في الجواز المفقود و تاريخ ومكان اصدار جواز زوجتي ليس هو تاريخ ومكان اصدار جواز ووجتي ....

عادت زوجتي اليوم وحكت كثيرا وهي مندهشة عن تردي خلق مسؤلي الامن والجوازات في مطار الخرطوم وسوء الحال والمال لسودان السجم واكذوبة الحضارة والرقي وغابات الاسمنت التي مدت العاصمة الترابية الي نهايات كانت تراها بعيدة يوما ما وغياب الخضرة و غلبة المواد الكمالية الاستهلاكية علي المتطلبات الاساسية الخدمية والركشات والانجاد والطرق الداخلية التي صارت حفرها كهوفا و شوارع المتعافي الذي صرف في ما لا يعرف ولا يعلم دون تخطيط والوجوه الصينية التي ملات الشوارع والطائرات والانسان السوداني التي صارت عنده النخوة من اثر الماضي وحكواي الجدات ( ان وجدت) وحدثتني عن صديق كانت لا تفوته زيارتنا عندما كان في ستواته التجارية الاولي يتلمس الطريق من خلالنا وبيتنا بيته وهي المحتفية به فقابلته في الطائرة عرضا وتركها في محنتها واقفة محتارة عند مسؤل الجوازات والامن واخذ اغراضه وذهب دون ان يلتفت اليها او يسال عما بها .......

بعد ثلاث عقود من الزمن القاسي في غربة قاسية كبرنا فيها ولم يبق لنا علي البسيطة مثل الذي مضي .. حاولنا .. رفضنا ..عاارضنا بتحضر وادب ... دافعنا عن سودان موحد ...جاهرنا بخلق وشهامة سودانية لا مثيل لها كماترآي لنا يوما ..حلمنا بنيفاشا فاتو الينا بدارفور وهمشكوريب وباعو اراضي النوبة في ارقيين ...باعوا جوازات السفر والجنسية والهوية ولبن اطفال السودان وحتي دمعات الامهات الثكالي ....

كان وما بقي من العمر الا القليل الامل في ان اري امي التي كبرت كثيرا واهل كبروا وغيرهم ولدوا وترعرعو وانا بعيد وتري بنتي الجامعيات وابني بلدهم الذي نسجت لهم عنه حريرا اجمل من صنع احسن دودة

غز في العالم ولكن يصر اهل الانقاذ وصلاح قوش ومناصريهم من الا يحدث ذلك قصدا او جهلا فالمردود واحد

الوجع ليس شخصيا انه وجع امة يصر علي قتلها كل ساعة بعض من اولادها ....

ابوبكر سيداحمد – 24 مارس 2006

No comments: