Sunday, January 29, 2006

ليلة الحميس


عزيزي ... المساء ومساء الخميس بالذات قبل عقود ثلاث واربع هناك ايام البركس وسينما النيل الازرق وحديقة البلدية والريفيرا لمن ارادها ليلة خملية عافية لا لها من ادوات تأبط شرا شيئا او حمراء في الرويال وفول ابي العباس (الذي صار اسما لمطعم بائس يرتاده هنود منطقة الكرامة في دبي هنا) او ليلة ليوزباشي ضبط الازبالايط استعداد لغزو راديو ام درمان بعد ان لعبت براسه زجاجات من شري اسموه حينئذ بعصيير الجزم لا اعرف لماذا انما يقال اانه يمشي علي الذاكرة والعقول مشي المركوب الغير مدبوغ والعهدة علي رواتنا ايامها ممن كانو يتصيدون لذوي اللحي من ساكني القصر الابيض والاخضر- ايامنا هذه- عند مضييق ازقة حي الاغاريق المؤدية الي ابصليب ... مرة ركضنا وراء واحد منهم من هناك حتي البركس .. كان قبيح اللحية والشكل ولا انسي انه اول من عرفت منه -وانا البربري الماعندو دين- " صلاة الحرب " .. كان يوما من ايام مارس شهر الكوارث في نهاية ستينات القرن الماضي اصرت مناضلة علي ان تغزو البركس ومخاطبة الجمع في ليلة سياسية ربما كانت ستكون الاولي في تاريخ السودان ...تجمعو من كل صوب .. اذكر ان شيخهم وهو اليوم يلعن سلسفيل العسكر بعد ان اذاقوه وهم "اولاده " وجع الركبيين من قعدة مراحيض سجن كوبر .. اذكر له سيارة طويلة سوداء قالو لي حينئذ بان اسمها كاديلاك او من ذاك القبيل عند بوابة البركس امام كشك ابو لحية حمراء محننة كما نراه اليوم وكان اسمه عطية لا اعرف ان كان الاسم مازال عطية فهم ياخذون ولا يعطون شيئا .. قالو لي حينئذ "وانا البرلم التافه" بانه يجهز للحرب ويوزع الاسياخ ... و بعبط البرلم وجهالته تجاوزته داخلا البركس حتي وصلت الي مكتهم " تلك قاعة داخلية كسلا .. كانو يسموها مكة .. هي لهم وحدهم يجتمعون فيها ويصلون و.. الخ " وجدتهم مصطفيين للصلاة كلهم عدا صاحبنا الراكض في ازقة ابصليب .. كان واقفا مع عدد اخر في صف يتجه عكس القبلة ... استغربت " الم اقل لكم بربري ما عندو دين " .. سالته " وانتم واقفيين كدة ليه عكس القبلة كمان عملتو ليكم واحدة جديدة ؟ " صاح القبيح " امشي يا كافر دي صلاة الحرب " وبجهلولة البرلم البربري " حرب شنو ؟ " قال " حربكم انتم الكفرة امشي من هنا والا .... " ورفع سيخته فتقهقر البرلم وما زلت حتي اليوم متقهقرا بعد ان امتدت صفوفهم ووصلت دارفور و همشكوريب ونمولي والكرمك وصارت ليلة الخميس في شقة في شارع في مدينة في بلد ما نقهقه فيها علي انفسنا من الغيظ ونحن نشاهد الحج متولي وزوجاته الانيقات الاربعة و نحلم بنصف مليون من مليوني جورج قرداح ونستغرب ونحن نراي كيف تتلوي وتتغنج نانسي عجرم وهي تقول كلاما لا نفهمه ولكننا نموت فيه وفيها ....وعندما نتذكر حالنا فالي كتاب عن تلك البلاد والناس للننادي اليها مع "الاخدها من قاصرها وراح "عمر الدوش يوما ما :
بناديها

ولما تغيب عن الميعاد
بفتش ليها في التاريخ
واسأل عنها الاجداد"

والي ملتقي
ودمتم
22.12.05

No comments: