Sunday, January 29, 2006

بين شعب ووطن ....!!

ياخوي الفاتح - خوي دية من المؤثرات الثقافية الفضائية المصرية والتي تحكرت في ذاكرتنا غصبا عنا و بدلا عن ديانقووقرينقو بتاعة سينما خرطوم غرب في ذالك الزمان الذي كنا ناخدها كدري اليها من البركس " ريترن تيكت" وفي العودة يكون اصحاب سوق الفاكهه المقابل لدكاكين اولاد ملاح امام ما كان يسمي ميدان الامم المتحدة قد بداو الاستعداد لصباح خرطومي كان صافيا تلك الايام فيكرمونا ببعض من مانقة الباوقة او برتقال ابصرة من جبل مرة وموز من كسلا وفي صفرة داخلية بحر الجبل ونحن في الطريق الي البركس نجد حلة مليئة باللبن فنرتوي وكان بعض منا عفاريت لا يرتون الا من زجاجات لبن كافوري التي كانت تترك علي ابواب بيوت كبار الافندية في شارع تلاتشر وراء الداخلية .... ايامها لم نكن نعرف الاغتراب حتي ولو كنا نغيب عن اسرنا اكثر من عام .. كان السودان بيتا كبيرا لا يسمح بالاغتراب .. في مخيلة كل بربري منا كان الاغتراب هو في غياب طويل لللاقرباء في ام الدنيا والسعودية ولندن وبلاد كثيرة اخري سافروا اليها او الي مطاعم ومطابخ قطارات وسفن اما البرابرة المتعلميين من خريجي غوردون واكس غوردون كوليدج فكانو وزراء وسفرا فلم يساورني الشك مطلقا ايامها بان هذه الصفة اللعينة-الاغتراب- ستجد مكان لها عندي .. وفي مطلع السبعينات وبعد التخرج ومع بدء ظاهرة الاغتراب كنت ارفض حتي مجرد التفكيير في الامر بعناد شديد فكنت انال من شتايم الاصدقاء الكثير " يا حلفاوي يا مجنون انت قايل البلد دية بتاعة ابوك ؟" " ايوة بتاعة ابوي ياعرب ؟ " وعندما انحشرت في كورنر وقرر ابعاج ان ننزل معاش – معاش وما زال الاسم بالقلم الرصاص يعني قبل القومسيون الطبي والدي اس - التجأت لواحد عرب حقيقي .. كان سفير لدولة خليجية وله شان كبير في بلادنا ايامها وكان صديقا لاخي وكنت مرة في ليل حالك قلت له عن بلادهم واستعرابهم اكثر مما قاله مالك في الخمر – هو قال ايه بالمناسبة - وبدبلوماسية كان قد اصر ان يهديني كتاب عن بلده ورغم ذلك لم اسكت وحينما التجات اليه ضحك بخبث شديد وبعد اعوام قليلة في الاغتراب تحدثت اليه هاتفيا وقد كان هو قد هجر بلده واشتري بمال كثير قصرا في احدي جزر البحر الابيض المتوسط فاصم اذني بصوت ضاحك " يا بربري يامغفل ما قلت احنا كدة وكدة ... الخ "...
كان ذلك قبل ثلاث عقود من الزمان ... انتظرنا ابعاج ليذهب وعددنا الثواني والدقائق والساعات والايام والاسابيع والشهور والسنيين وكنا لا نرتبط باية وظيفة ربما تعييق عودتنا فور ذهابه ونصر علي وظائف واعمال الفري لانسرز علشان نفك ونطير عائديين ... طال بقائه و راي البرابرة ان ابنهم ربما يشيخ وهو طافش عزابي فقبل رحيل ابعاج بسنتتين تزوجنا وعندما رحل كان البربري قد التحق باول وظيفة ثابتة مع الانكليز عند العرب فصارت ايام الاجازات معدودة بكام يوم في السنة او عند نهاية كل مشروع وهكذا ولدنا العيال وكبروا وصارت الاجازة تتعارض مع اجازاتهم وكبرو اكثر وذهبوا الي مكان بعيد للدراسة فصارت الاجازة المعدودة الايام للسفر اليهم وخلال السنيين جاء سوار الدهب وذهب وتلي ذلك ججعة لم نعرف ماذا تريد ثم اتي من اتي بالليل وصار الليل طويلا والنفق مظلما وكلما حاولنا ان نري ضوءا في نهايته تتعتم احدي عدسات العين بكتراكت فنستعجل زراعة عدسة صناعية اي او ال وقبل ان يلتئم جرح زراعة العدسة تتعتم الثانية فالي زراعة ثانية وقبل التئام جرح الثانية تتعرض الاولي لسكندري كتراكت ولازم ليزر او ليزك وووووو!!!
افهم الان شيئا قليلا عن الارض
عن دوران الفصول وفقه الصبابة
كيف تكون الصبابة محرقة
بين شعب ووطن ....!!

هكذا قال -المكي ابراهيم بعد ان عافر كثيرا منذ اكتوبر " سندق الصخر حتي يخرج الصخر لنا زرعا وخضرة ونرود المجد حتي يحفظ الدهر لنا اسما وذكري " واخيرا فهمها عندما حفظ الدهر لنا ملفات بغيضة عند منظمات حقوق الانسان ومجلس الامن وحتي الاتحاد الافريقي
28.01.06 ....

No comments: