عندما استولت الإنقاذ على السلطة عبر السلاح الطبى وسلاح النقل عملت على منع كل وسائل الاحتجاج السلمى من مواكب ومظاهرات ونجحت فى ذلك غاية النجاح مما دعاها للإدعاء بأن الجميع يؤيدونها ولذا لم تخرج مظاهرة واحدة للشارع تعبر عن الرفض والاحتجاج.
وأصبح المجتمع كمرجل يغلى والقمع وسوء المعاملة والإقصاء والفساد تمثل النيران تحت ذلك المرجل وبما أن المرجل ليس به صمام أمان فقد لجأت الأطراف لحمل السلاح وبقيت العاصمة على حالها من الغليان دون وسيلة تعبير.
بالإضافة لشراسة الأمن فإن الأحزاب التقليدية ساعدت الإنقاذ ليس بعدم الخروج فى مواكب ومظاهرات احتجاج فقط وإنما برفض حتى الدعوة لها – وذلك لأن الأحزاب التقليدية استطاعت أن تلتف حول ثورة أكتوبر وانتفاضة أبريل باختصار مدة حكمهما الانتقالى لأقصر مدة ممكنة وكانت آنذاك قادرة على ذلك. ولكن التغييرات التى حدثت فى شوارع الخرطوم جعلت الأحزاب تتوجس من مظاهرات لا تستطيع التحكم فيها واستقبالات الشهيد قرنق ودعوة السودان الجديد أكدت مخاوفهم – ففضلوا القبول بالفتات الذى تلقيه لهم الإنقاذ عوضاً عن الدخول فى مغامرة اللجوء للشارع.
ليس هذا فقط وإنما بدأوا يتحدثون عن هذه القوة الجديدة قائلين بأنها معادية للعروبة والإسلام – وعليه أصبحوا يدعون لوحدة أهل القبلة حيناً والحوار الشمالى الشمالى حيناً آخر وكل هذا يعنى ترك موقع الصدارة للإنقاذ فهى ببطشها وإقصائها للآخرين وتمكينها للقوى الأمنية لقمع معارضيها خير من شباب جديد يدعوا لنبذ القديم وإقامة دولة المواطنة والمساواة وفصل الدين عن السياسة.
واتضح هذا التقاعس عندما أصدرت الإنقاذ حزمة قوانين منافية للعرف والتقاليد والذوق السليم فضلاً عن إنها غير دستورية حسب دستورهم الذى وضعوه بأنفسهم فلم يحتج حزب واحد عليها والذين احتجوا وطالبوا بتعديل هذه القوانين الجائرة هم الحركة الشعبية ولم يساعدوها بمظاهرة صغيرة تشد من أزرهم.
وأصبح هم الأحزاب المقيم هو انتظار الانتخابات التى يؤملون فى اكتساحها ونبشرهم بأن انتخابات المزارعين والعمال والمحامين ستكون قمة النزاهة والشفافية لما ستكون عليه الانتخابات العامة- فهلا شغلتم أنفسكم بعمل مفيد.
No comments:
Post a Comment